recent
الأخبار

أزمة الغذاء تتفاقم وعلى العالم أن يتحرك قبل فوات الأوان

الصفحة الرئيسية
أزمة الغذاء تتفاقم وعلى العالم أن يتحرك قبل فوات الأوان


الدكتور صفي متولي نائب رئيس مركز بحوث الصحراء لجريدة (الاتحاد):

الأزمة الغذائية العالمية كبيرة ولا مثيل لها منذ ستينات القرن الماضي

أناشد زعماء العالم بوقف الحروب وحل الصراعات الدولية بالتفاوض

على جميع الدول أن تنتج الغذاء محليا وتواجه مشكلة التغيرات المناخية

وعلى الشعوب أن ترشد الإنفاق وتغير أنماط الغذاء خلال الفترة القادمة

 

يواجه العالم حاليا أزمة غذاء كبيرة وغير مسبوقة منذ ستينات أو سبعينات القرن الماضي حيث قفز مؤشر الغذاء العالمي إلى أعلى مستوياته على الإطلاق في ابريل 2022، وسجلت الأسعار العالمية للسلع الغذائية أعلى مستوياتها على الإطلاق في ذات الشهر، وكشف تقرير برنامج الغذاء العالمي بأن انعدام الأمن الغذائي الحاد سيصل إلى مستويات قياسية جديدة.
موقع جريدة "الاتحاد" رصد المشكلة وأسبابها وتداعياتها وسبل مواجهتها من خلال هذا الحوار مع العالم المصري الكبير الدكتور صفي الدين متولي ‏أستاذ الأقمار الصناعية ونظم المعلومات ونائب رئيس مركز بحوث الصحراء وهو خبير علوم الاستكشاف والطاقة الجديدة والمتجددة واستشاري التنمية المستدامة والذي قدم حلولا علمية وعملية للخروج من الأزمة.


جدير بالذكر أن أوكرانيا وروسيا تنتجان 30% من إمداد العالم من القمح و20% من الذرة ومن 75% إلى 80% ​​من زيت بذور عباد الشمس، ومنذ الحرب الروسية الأوكرانية ارتفعت أسعار القمح بنسبة 21%، والشعير بنسبة 33% وبعض الأسمدة زادت بنسبة 40%.

وتحدثت منظمة الأغذية والزراعة العالمية (الفاو) عن أن مؤشر أسعار الغذاء العالمي ارتفع من مستوى 135 نقطة إلى مستوى 141 نقطة وهو أعلى مستوى منذ أزمة الغذاء العالمية التي حدثت منذ عام 2006 وهذا يؤكد استمرار الأزمة حتى عام 2024


أزمة الغذاء تتفاقم وعلى العالم أن يتحرك قبل فوات الأوان 1


حقيقة الوضع الراهن

في البداية كشف الدكتور صفي حقيقة الوضع الراهن قائلا:

وفق ما قاله تقرير البنك الدولي أن العالم سيدخل في مرحلة أزمة غذائية عالمية قد لا يكون لها مثيل من قبل منذ سبعينات أو ستينات القرن الماضي، وأكد أنه في كل أزمات الغذاء التي واجهت العالم من قبل كانت تحدث دائما وأبدا نتيجة لعامل واحد يتسبب في حدوث الأزمة بشكل مباشر ولكن الأزمة الحالية تمثل ازدواجية في نوعيتها.


كشف أن العالم يواجه بدون أن يشعر عاملين رئيسيين للأزمة، فقد كان الناس من قبل يرون أن الأزمة تحدث نتيجة وجود مشاكل في المواني كما في أوكرانيا وروسيا فيما يتعلق مثلا بالقمح باعتبار أنها المصدر الرئيسي للغذاء في أفريقيا وفي أماكن أخرى من العالم ولكن لم تكن الأزمة وقتها تمثل مشكلة كبيرة تتعلق بالقمح في أوروبا فكانت أوروبا لا تهتم بحدوثها.


ولكن في هذه الأيام وبسبب الحرب الروسية الأوكرانية أصبحت أزمة الغذاء في أوروبا تحمل مدلولا آخر، لأن زراعة المحاصيل الغذائية تعتمد بشكل رئيسي على صناعة الأسمدة، وما يسمى بمستلزمات الزراعة ومعروف أن صناعات الأسمدة على مستوى العالم تعتمد على الغاز الطبيعي كمصدر للطاقة اللازمة لتشغيل مصانع الإنتاج.


وكانت أوربا من قبل لا تعاني من وجود أي مشكلة في توفير الغاز الطبيعي وبالتالي لم تكن تعاني من مشكلة في الزراعة وبالتالي لم تتأثر كثيرا من أزمات الغذاء التي كانت تحدث في السابق خاصة مع طبيعة البلاد في معدلات الأمطار الطبيعية الممتازة، أما حاليا فتعاني أوروبا وحتى الولايات المتحدة الأمريكية ستعاني من أزمة الغذاء بسبب قضية نقص الغاز.

هذا الغاز يتم تصديره من روسيا ومن أوكرانيا ومن دول الشرق الأوسط إلى دول الاتحاد الأوروبي ولكن نظرا لظروف الحرب والصراع الحالي بين روسيا والغرب فأن هذا العنصر قد انضم حديثا ليصبح فاعلا في حدوث أزمة الغذاء العالمية الحالية في ظل اشتعال الحرب الروسية الأوكرانية التي تؤثر بالسلب على المواني وعلى عمليات الحصاد والتخزين وعمليات النقل.

وبالتالي لم تعد المشكلة تخص القمح فقط رغم أهميته ولكنها امتدت إلى محاصيل غذائية إستراتيجية أخرى أهمها محصول عباد الشمس والمحاصيل الزيتية التي كانت تغطي جزء منها جنوب فرنسا لإمداد شمال غرب أفريقيا ممثلا في تونس والجزائر والمغرب بزيت العام.

أصبحت فرنسا الآن غير قادرة على سد هذه الفجوة بسبب عجزها عن توفر الأسمدة اللازمة لمزارع عباد الشمس المترامية بسبب انخفاض كمية الغاز الواردة إليها من روسيا على بسبب الحرب واللازمة لتشغيل مصانع إنتاج الأسمدة ومستلزمات الزراعة وإنتاج الغذاء.

الإجراءات الدولية المطلوبة لاحتواء الأزمة

أوضح نائب مدير مركز بحوث الصحراء المصري أنه ينتظر من الحكومات في كل دول العالم في الفترة القادمة أن تكون مشروعات الغذاء لديها مشروعات قومية وطنية حتى لو شهدت أزمة وتكون في مناطق استصلاح صغيرة أو اعتماد كامل لهذه الدول على مواردها الذاتية حتى تمر الأزمة التي من المتوقع أن تطول.

أكد أن الدول التي لن يكون لديها مراحل توفر الغذاء ولو جزئيا لشعوبها بالإنتاج المحلي واستكمال الباقي بالاستيراد من خلال خطة اقتصادية سليمة ستعاني كثيرا في المستقبل لأن أزمة الغذاء في العالم ستستمر مرحليا وستتعدى أزمة السبعينات والستينات.

وحول الإجراءات التي تتخذها الدول والمؤسسات العالمية الآن لضمان استدامة وجود الغذاء في الفترة المقبلة قال الدكتور صفي أنه لابد من التحكم في العناصر الرئيسية الثلاثة المتحكمة في الأزمة وأولها الأزمة الروسية الأوكرانية من خلال وضعها على طاولة المفاوضات.

وثانيا أن تقوم كل دولة بشكل متسارع وعلى قدر المستطاع بإنتاج الغذاء الرئيسي الخاص بها من خلال مشروعات ونية على أراضيها وأن لا تلجأ إلى الاستيراد إلا للضرورة القصوى وفي السلع الغذائية والمحاصيل التي لا يمكن إنتاجها أو زراعتها محليا وفقا لظروف المناخ الموجودة في كل دولة،

ومن القضايا الهامة أيضا لابد من وجود علاج لمشكلة التغيرات المناخية والجدير بالذكر أن مصر تنفذ 3 مشروعات قومية بتكلفة قدرها مليار و20 مليون جنية للحد من أثر التغيرات المناخية على محاصيل الغذاء وهي مشروعات ممولة من الاتحاد الأوروبي وستمثل طفرة لأنها تستهدف 6 أنواع من المحاصيل الإستراتيجية وفي مقدمتها القمح والمحاصيل الزيتية.

أضاف أن هذه المشروعات القومية سوف تشمل كل المحاصيل التي يتم استيرادها من الخارج بالعملة الصعبة وذلك لسد فجوة إنتاجها محليا، بجانب 4 أنواع من المحاصيل تستهدف مصر زيادة كمية إنتاجها ومنها التمور التي تعد مصر أكبر دولة في العالم في إنتاجه ولكن تفتقد الصناعات اللازمة لزيادة قيمة التصدير لتغطية تكاليف الاستيراد للمحاصيل الأخرى التي تحتاجها.

ومن المهم جدا في هذا الصدد زيادة التوسع الأفقي فعلى الأقل يجب إدخال مليون فدان سنويا لمشاريع الاستصلاح، وكذلك التوسع الرأسي من خلال قيام الشركات والمراكز البحثية بإنتاج نوعيات جديدة من المحاصيل الإستراتيجية مثل القمح والأرز تكون ذات إنتاجية أكبر وبمواصفات عالية الجودة بحيث تتيح زراعة القمح في مناطق الأراضي المالحة.

وأوصى الدكتور صفي بأن تكون هناك إستراتيجية اقتصادية واضحة في ضوء توجيهات الرئيس للمجموعة الوزارية الاقتصادية بتحقيق التوسع بشقيه الأفقي والرأسي، وأضاف أنه على جميع الشعوب وخاصة في الوطن العربي أن تعلم أن أزمة الغذاء عالمية ولابد أن نغير ثقافة المواطن فيما يخص أنماط الاستهلاك.

وأكد انه في الوقت الذي تتحقق فيه هذا الوعي يمكن الاستغناء عن بعض السلع المستوردة إذا كانت تكلف الدولة الكثير من الدولارات واستبدالها بأخرى متوفرة محليا وهذا يستلزم خطة لتوعية المواطنين بهذه الثقافة وهي فكرة قدمها أحد شباب التربية والتعليم بمحافظة الشرقية للمحافظ ولرئاسة الجمهورية.

أوضح نائب مدير مركز بحوث الصحراء أن الأزمة الغذائية العالمية الآن أصبحت لا تفرق بين دول غنية وأخرى فقيرة فمثلا دولة بريطانيا صاحبة الاقتصاد الأكبر في أوروبا وتحتل مراكز متقدمة على مستوى الاقتصاد العالمي يعاني فيها أكثر من 1.5 مليون من أزمة في تحقيق الأمن الغذائي الخاص بهم وهنا ما يصل إلى مليوني فل يعانون من أزمة الغذاء.

قال: نحن أمام صدمة حقيقية ليست فقط في نقص الماء، وليست فقط في الحرب الروسية الأوكرانية، ولكن أيضا التغير المناخي سيؤثر كثيرا على نوعيات الغذاء وإنتاجه في أوروبا مع وجود أزمة الغاز التي ستؤثر كثيرا أيضا وبالتالي فإن التأثير السلبي سيكون كبيرا على دول الشرق الأوسط.

الرؤية المصرية والحلول المسبقة

وفي هذا الصدد تحدث الدكتور صفي الدين متولي عن الجهود المصرية لمواجهة أزمة الغذاء العالمية مشيرا إلى عقد الرئيس السيسي عدة اجتماعات مع المجموعة الوزارية الاقتصادية لمتابعة إجراءات التعامل مع تداعيات الأزمة الاقتصادية العالمية هذا إلى جانب وجود مجموعة أزمة في الحكومة المصرية تجتمع بشكل دوري لمواجهة هذه الأزمة وتداعياتها على الاقتصاد.

أوضح أن مصر لديها من مخزون المواد الغذائية ما يكفيها على الأقل لنهاية هذا العام ومع بداية العام القادم بأمر الله تكون كميات المحصول المحصودة من مناطق الاستصلاح الجديدة في توشكا وسيناء والدلتا الجديدة ستغطي جزء غير قليل من احتياجات السوق المصري من المحاصيل الإستراتيجية

قال أن الرؤية التي تم تنفيذها من عام 2018 على بعض مواقع التجمع الزراعي الصناعي الموجودة في سيناء بدراسات المزارع الإستراتيجية للغذاء حينما كانت مصر تقيمها باقتراح من الرئيس السيسي بغض النظر عن التكلفة الكبيرة لاستصلاح الفدان فلابد من الاستمرار في هذا التوجه.

في هذا الصدد وجه الشكر للرئيس السيسي ووزراء المجموعة الاقتصادية على القراءة المسبقة للأحداث وبدء مصر في عمليات استصلاح الأراضي والتوسع الأفقي مع بداية عام 2015 وقبل حدوث الأزمات الثلاثة الراهنة والتي لم يكن أحد في العالم حدوثها في وقت واحد وهي أزمة كورونا والتغيرات المناخية والحرب الروسية الأوكرانية.

وعلى المواطن أيضا أن يتحمل مسئولياته بتغيير أنماط الغذاء والاستهلاك بشكل عام من خلال الترشيد والتقليل مثلا من استهلاك البروتين الحيواني وفي هذا الصدد أشار إلى نجاح مصر في تحقيق الاكتفاء الذاتي من الأسماك بعد انتشار مزارع الأسماك في مناطق كثيرة من مصر وكذلك مشروع البتلو الذي قطعت مصر فيه شوا كبيرا بالوصول إلى مليون رأس وأيضا تحقيق الاكتفاء الذاتي من اللحوم البيضاء.

أشار إلى جهود وزارة الزراعة بتوجيهات القيادة السياسية ومن خلال مراكزها البحثية كمركز البحوث الزراعية ومركز بحوث الصحراء لتحقيق التوسع الرأسي في عمليات الإنتاج الزراعي من خلال تطوير منظومة البذور بإنتاج بزور ذات إنتاجية عالية وإنتاج أصناف أرز تستهلك كمية مياه لا تزيد عن 32%.

وهناك حاليا تجارب لإنتاج قمح على 12 ألف جزء في المليون ملوحة، وإدخال التكنولوجيا في عمليات الزراعة واستخدام الزراعات المحمية والطفرة التي حدثت بها آخر ثلاث سنوات والمتمثلة في الزراعة العضوية في مصر والتي كانت تحتاج إلى تشريع تم إقراره في عهد الرئيس السيسي والزراعة التعاقدية التي تعطي الأمان للمزارع بالتعاون مع وزارتي الزراعة والتموين .




google-playkhamsatmostaqltradent